يحكى أن إمبراطورا غبيا ، كان ينفق الكثير من ماله ، على شراء الحلل النفيسة والملابس الغالية ، التي يرى أنها تليق بمقامه السامي .. طرق باب قصره ذات يوم محتالان ، يعرفان شدة ولعه باقتناء الثياب الفاخرة ، وادعيا أنهما من أمهر الخياطين وأن بمقدورهما حياكة ملابس جميلة ورائعة ، وذات خاصية سحرية ومدهشة ، ليس لغيرها من الملابس ، كونها لا تبدو لأحد في الإمبراطورية بأسرها ، ممن ليس مخولا برؤيتها كالحمقى والأغبياء ومن على شاكلتهم .
سمح الإمبراطور للخياطين بالمثول بين يديه .. وأعجب بالفكرة ، لا لرغبته في الحصول على ملابس أسطورية تليق بمقامه وحسب ، بل لرغبته أيضا في التخلص من ملابسه المعتادة التي لا تروق له .. وقدم لهما مبلغا كبيرا من المال ، وخولهما بالبدء في حياكة ملء خزنة كاملة من الثياب .
شرع المحتالان بالحياكة على نولهما بصورة جدية .. وزارهما الإمبراطور بنفسه لمشاهدة عملهما وليحثهما على الإسراع بإنجاز المهمة .. لكنه لم ير شيئا على الإطلاق ، سوى نشاطهما المجرد ..أعني أنه لم يشاهد أقمشة ولا مجوهرات ولا ملابس جميلة .
ولأنه لم يرد بطبيعة الحال أن يظهر لهما عجزه عن مشاهدتها .. فقد وافق المحتالين حينما قالا له : ألا ترى كم هي بديعة ورائعة .. يا صاحب الجلالة .. ؟
وفي محاولة منه للتأكد من ذلك .. أمر الإمبراطور بعضا من كبار حاشيته ، بمتابعة العمل عن كثب ، ونقل وجهات نظرهم إليه بالخصوص .
وبالطبع لم يرد أي منهم أن يفقد وظيفته إن لم يكن رأسه ، ولذا فقد أبدى الجميع إعجابهم الشديد بتلك الملابس السحرية المدهشة ، وإن لم يروها .
وأخيرا انتهى المحتالان من عملهما ، وحدد الإمبراطور مناسبة معينة لارتدائها وعرضها .. خلال مشهد عام يحضره كافة أفراد رعيته .
وفي الموعد المحدد ، ووسط صيحات الإعجاب المفتعل من المحتالين وبقية الحاضرين .. ارتدى الإمبراطور ملابسه الجديدة .. وخرج إلى الجموع المحتشدة أمام القصر إحتفالا بالمناسبة . خرج عاريا تماما كما ولدته أمه .
ولم يكن من الرعية - بطبيعة الحال - من يرغب في معارضة الإمبراطور فيما يرى .. ولذا فقد صاح الجميع بإعجاب مفتعل : يا لها من ملابس رائعة يا جلالة الإمبراطور !!!
واستمر هذا النفاق يلعب بعقول الناس .. واستمر الوهم يلعب بعقل الإمبراطور .. الذي واصل عرضه المخزي حينا من الدهر .. إلى أن صاح أحد الصبية قائلا : ولكنه بلا ملابس .
ولم يمض وقت طويل حتى صاح أحد الكبار : نعم إنه بلا ملابس .. ثم تبعهما آخر .. وآخر .. إلى أن خرجت الرعية بأسرها عن صمتها فصاحت وبصوت واحد : ولكنه بلا ملابس !!!
وعند ذاك فقط أدرك الإمبراطور أنهم على صواب .. ولكنه وبغبائه المعروف وعناده المعتاد .. كان قد تابع موكبه الكبير دونما اكتراث .. وذلك في محاولة منه للمحافظة على هيبته رغم تغير الظروف .